سيكارة حمراءٍ طويلة، منّوا النفس فيها طيلة شهور الاعتقال، حان الوقت ، كان قد مر علينا أيام في الفرع 215 بكفرسوسة وسط دمشق ، شهران مروا و كأنهم سنين،على آخر رمقٍ من الشاي برفقة سيكارة حمراء في الشرطة العسكرية بحلب . لم يكن لدينا آلام لنرفعها، يوم مميز لا يجب أن يمر كباقي الأيام . حان وقت الكنز. أخرج بلال سيكارة الحمراء الطويلة بعد أن اعتاد أن يخبئها بشكل دائم في قطعة قماش نسجها ليطمئن عليها كل ليلة و “يتنفس الحرية من داخلها” كما يصف تقبيلها يومياً.
“واحد خشب بلا صوت” جائت من الخارج و كأي مُقدمٍ على أمر كبير زاد معدل الأدرينالين . “أسكتوا اليوم عيد الثورة الأول ولازم كلنا نحتفل و نشرب من هالسيكارة” ههه .
86 رجُلاً شُبِحوا من أجل السيكارة، مقولة عدي في ذكرى الثورة .إذ انتهى المطاف بمحاولة إشعالها من ضوء السقف ليتم دخول الضابط و إخراج الجميع ليُشبَحون . كنت لم أتجاوز العشرين بعد، لنحتفل بعيد الثورة الأول طيلة الليل على قلب واحد. خرجنا بعد شهور دون معرفة من أخرج الكنز، فبلال استشهد بعد خروجه في معارك مدينة البوكمال، وعدي استشهد تحت التعذيب.