دللول يا الولد حضرت الهدوم ,, و ما حسبّت يما غيابك يدوم

تعال و شوف قلب أمك يا الوحيد ,, إذا هدّت العين الروح ما تهيد

ربما بلادنا تحتضر , أو هو مجتمع يحتضر , ليس إنسان و يحتضر , ليس أمراً طبيعياً أن يحدث كل هذا القتل و يكون الحل لمشاكلنا .

في وضح النهار أو في ليلة معتمة , لم يحرك ساكناً بأنفسهم , لم تهتز دواخلهم , كأن الأمر غدى عادياً أن تُقطف إحدى زهرات البلاد و ينتقم أي شخص بإخفات الأرواح , لم يبقى غير الإنسان في بلادناً , لم تبقى إنسانية ندافع عنها , حقنا الطبيعي أن نعيش دون تهديد , حقنا الطبيعي أن نقف بوجه البطش العشوائي المتمدد في كل مكان .

كانت وجوههم هادئة على غير المعتاد , في قرارة أنفسهم عرفوا أنهم يحومون في القرار الأخير , سيرتاحون , كيف يصل المرء لهذه المرحلة , سمعنا مراراً  بالجريمة و لكن لم نتخيل فظاعتها .

ليس مهماً ما سيقوله الجميع , لم تعد مهمة تلك الشكوك التي تتسلل للأعماق المريضة , مجرد شكوك ليست استفسارات تبحث عن أجوبة , لماذا قُتلوا , لماذا لم يطلقوهم مثلاً و يتركوهم في حالهم , سيظل مقتلهم يلاحق الجميع , كل زوايا المدينة , أتخيلهم و هم يعيشون حياتهم البسيطة دون علم أن أنفاسهم الاخيرة ستسحب منهم , طعم المرارة المتكوّم في أنفسنا يمنعنا عن التفكير , كيف ستستمر الحياة , ضربوهم حتى الموت , حتى اختفت أنفاسٌ توقفت عن إزعاجهم , كيف سنُشفى من منظر موتهم واقفين , و نحن لم نرى سابقاً من يُقتل بهذا الشموخ سوى الأشجار .

لم يدفنوهم نائمين , ربما عرفوا أنهم لن يناموا , سيطاردونهم حتى آخر لحظات الحياة , كما أفلام الرعب , كيف استعجلوا بقتلهم حتى نسوا إغلاق أعينهم ليريحوا أرواحهم من تسجيل ما يمرّ أمامهم , كانوا شاهدين على سقوطهم , انتهوا منهم .

إلى أين سنصل …

رصاصتين كان مستقرها الرأس , لم يعرف بها أحد إلّا بعد إنجاز المهمة , قالوا إنها تخويف لك من يمسّ هيبة الدولة , الرصاصتين استهدفت شابّين أخذوهما من نفس المسافة التي تفصلهم عن القاتل الأول .

دوماً بنفس المسرحية , تلك الرقة , كأن لا أحد يسكن المنطقة , أشباحٌ نحن أو ربما مساحات واسعة من الأدغال .

الرصاصتين اخترقت الرأس , بعلم البلاد أو بدونها , كِلا الأمران يجللهما العار .

حددت الرأس و ضربت لتعود إلى مريضها بسلام .

منشغلون نحن بذبح بعضنا , بتكفير بعضنا , بقتل بعضنا , لا نلتفت إلى ما يدور حولنا .

ستأكلنا الحرب من قبل أن تبدأ .

كم من المؤسف أن نكون مجرد قطع حطب يابس , تُطهى علينا الحرب بنار هادئة .

لا تأكل الثورة إلا من أشعلها .

بأس الدمى نحن .