يحضرُ التيه , تيه يملئ العالم , لا ندري من نحن , يجمعنا شيء واحد , الحزن .

مذ أول لحظة نعيها في العالم , ندرك أنه كبيرٌ علينا , نغرق في متاهاته , الجميع يدور في حلقة واحدة .

محظوظٌ من يجد نفسه .

محظوظٌ من تطأ روحه موطناً – و آآآه لو كان من مواطن الأرواح –

مذ ذاك الحنين , هزّة الاشتياق الدوريّة , كأي إنسان طبيعي , بغض النظر عن اختلاف تعريف الإنسان الطبيعي بإختلاف بيئته .

يعيش .. ليأكل و يشرب و يحنُّ , ليتيه .

كلما عُدتُ للمدونة , فتحت الملاحظات , لا أنغكّ أعيد نفس الحكاية , رغبة في ضرب رأسي بأي حائط , علّه يكشف ما بداخله , سأمت الحنين , مللت البحث عن أمل يتراءى سراباً .

لحظة قبل أن تستطيع تسجيلها لتقول بأنك تعيش هذه اللحظة , تهرب , و كأنها لم تكن .

صرتُ أبعدَ عن بعضي , يفصلني عن ذاتي سنتان من الغُربة , سنتان من الثورة , و بِضعُ حنين كبِضعِ قلبٍ في الجسد .

في داخلي الرغبة بأن أكون ذاتي .

لطالما أرهقنا التفكير بأن لهفتنا لأن نكون أشخاصاً لا يمتّون لنا بصلة , أن نكون كما هم يريدون .

منذ زمن اتيه في هذا العالم , مذ تركتُ آخر طفلةٍ لحبيبها , لم أعد أذكر أي طفلةٍ منهن , جميهن طفلات , حتى هذه .

أنا نفسي لم أعد أعرف من أنا , كأن هناك آخر بداخلي , أخاف أن أعريّ نفسي .

أبحث عن ذاتي في الآخرين , إسعاد تلك , إرضاء هذا , و تحقيق أحلام ذاك , و آمال لعابر سبيل .

أقف عاجزاً حتى عن الحراك , لا أقدر , كيف أكون ذاتي .

أما من ميقاتٍ لبدأ العيش في هذا المكان ؟! .

عبثاً .