عرفت الآن من أكون , بحث طويل عن الذات , بعد غرق في دوامات الضياع و التيه , وجدت نفسي , لم أكن تائه في الفضاءات البعيدة , كُنتُ أمامي , أتأرجح طيلة الوقت , و ما كنت إلا أرمي نظري بعيداً عني , كم يعجبنا طعم الأحلام , حلاوتها , عذوبة المذاق , و لفحة الأمل التي تعطينا إياها , الرغبة في الاندفاع خطوة للأمام .

لم أكن ذاك الكاتب أو الرسام أو المهندس أو أيّ كان , كنت اليد التي ما تزال تصنع في الحياة .

أزيل عن كاهلي ما خلفوه طغاة العصر .

ترتاح عندما تعلم حقيقة نفسك , تتنفس الصعداء , تكفّ عن إرهاق الذات .

لم يكن لديّ الوقت الكافي لأكتب عنه , عن الإنسان الحقيقي , “الباز” هذا ما كنت أسمعه دوماً , وما جربت يوماً تصفحه .

لأنه الباز , حزم متاعه , رحل خارج المكان و الزمان , امتطى حلمه و مضى , شهيد .

بالابتسامة تحررت , تكلمت , احتججت , عارضت , استمريت , و استشهدت .

لإنه لم يكن لدي الوقت الكافي , لم يكن لدي ما لديك , سبرت الحادثة , قررت المشي بدروبك , كما مشيت أنت من دروب الكون .

لما لا يكون كلّ منّا “الباز” , معتز , حمادة , صالح , أو العم أبو حمود .

من لم يخلع رداء الوطن , لما لا نرمي ثقل الأرواح عن كواهلنا , نحلّق للا مكان واللا حدود .

نحتاج الإيمان , مجموعة الكلمات التي تكسر الجمود , أفكار , مجرد أفكار تنتج عقلاً يتحرك , جسداً ينبض حياة .

و إن كان نبضاً خفيفاً , كـنقر العصفورة على زجاج نافذتي في هذا الصباح الشتوي العاصف .

لتكن مجرد أفكار , كالأفكار التي أرعبناهم بها و لم نكن مجرد أمة ميتة , محكومون بإلتزام ثأركم .

كل ما حولنا عشّش عليه الحزن . تصوروا ان يحكمونا بحدّ السكين , فلم يقتل النصل إلا الخيال , و هذه دعوتنا الأزلية . ألّا نعيش كما يريدون .

الثورة .

النار التي أشعلناها بهشيم خلافتهم , الانقلاب على المفاهيم , الأعراف , و في قرارة أنفسنا تسكن الثورة , ذلك الغضب العارم الذي أحطناه بهم .

الثورة بأن نقوم و ننتفض , رفع عقيرتنا بالصراخ , ولا خنوع .

أصواتنا التي ارتفعت للعالم في ظل زنازينهم , رغبتنا التي تتمثل بقيامةٍ جديدة .

يا شيخي , إن كنت صدقّت أو لا , ولكننا حقّاً قادمون . ليس على صهوة حصان صلاح الدين ,

قادمون على رؤوس أصابع أقدامنا العارية .

علّك يا شيخي لا تسمع الخطوات , أو تستخف بها , لا تلتفت لحفيف الأقدام , علّك لا تسمعنا أو لا تريد , لا ترانا , لا ننال بذلك حريتنا .

و أقلّها ننال حرية أن تدوس أقدامنا كل أرضٍ يودّ عقلنا أن يطأها .

ثورة بكامل جوارحنا , عندما تصنع ثأراً من قتلاك , عندما تفكر بالوسائل اللازمة , عندما تصمت في مقام الكلام , لتتكلم في عالمهم الصامت , إعلم بإنك بدأت الشعور , الشعور بمئات الآلاف من القتلى دون ذنب .

لم يتركوا لنا الفرصة أن نسامح , لن نسامحهم , هم أدخلونا في الحروب .

و كُتب علينا أن نكون المضحين .