حين تصبح طريقة الموت ترف , حين تستعيد شريط حياتك بلحظة , لا زلت أذكر يوم خروجي من فرع “215” في كفرسوسة , أن تولد من جديد , أن يُكتب لك حياةٌ من بين 50 ألف معتقل كُتب لهم الموت تحت التعذيب .
منذ 5 أعوام كنا نخاف الموت برصاصةٍ في إحدى الاحتجاجات , ليصبح ترفٌ لنا أن نطلب الموت برصاصة لا تحت التعذيب , أن تصبح أكبر أحلامنا اليوم ألّا نقضي نحراً .
لم نعد نهاب الموت , اقتصرت أحلامنا اليوم على الطريقة فقط , لم يغب عن بالي حتى اليوم جملة صديقي ” صدقني هي حزّة سكين مثل حزّة البلورة , ما تحس بيها , أجزاء من الثانية و تطلع روحك لباريها” .
بعض الأحداث التي نعيشها أو تعيشنا تشكّل حياتنا من جديد , لا نشعر فينا إلا بعدها , كولادة جديدة , لا نشبه أنفسنا .
أعرف اليوم أننا نودع حزننا الأول لندخل بحزنٍ آخر , فما السعادة إلا وقتٌ مستقطع .
كرجل لا يهاب الموت مذ أعوام خلت , لكنني احترم حضوره , احترمه كما استحقر القاتل , يحضر الموت كرجل وقور , بجوّه , هدوءه , و بروده بأخذ الأرواح , غريب بكل ما فيه .
رفاهية أن تموت وفاة طبيعية , هي أبذخ أنواع الترف , أن تموت جسداً كامل , أن تموت بكافّة أوصالك , ألّا ترى والدتك آثار التعذيب , أن يقبل والدك رأسك و هو موصول بالجسد .