توقفت عن الانتظار , مذ وقعت الرافعة على رؤوس الحجيج عرفت أن الله تخلى عن الكوكب , المجزرة تحصل في بيته دون أي فعل , كانت مشيئته ممكن أن تمسك الجنزير أو تجعله “برداً وسلاماً” قبل حصد الرؤوس , لكنه لم يشأ , تركنا وحدنا , تخلى عن القلوب الملوثة أن تصبح مكانه , عن اللحى المزيفة , عن من يدخلون الجنة من يشاؤوا و يحشرون في النار من عاداهم , لم يلتقط أي من الآلهات الصغيرة الرافعة , حتى السعودية أكدت أن الأمر “إلهي”, رأيتم , هذه الإشارة .
لا أدري منذ متى لا أخاف الموت , لم أعد أدري متى كانت المرة الأولى لرؤية رأس مقطوع , قتل مجاني يسكن رأسي , كان يسكن رأسي ذلك الرجل الكوري في أفلام الكرتون عندما كان يترجى لا أذكر من كي لا يقتلوه , لا أريد الموت , هكذا كان يقول , ما أنا متأكد منه , أنني لم أخف الموت من قبل ولادة العالم الأزرق , من قبل الأمان و التضامن , من قبل أن نكون أصلاً , من زمن بن لادن و الزرقاوي , كان أبي يحذرنا من السلاح في بداية انتشاره ,“لا تجعلوه إلا للدفاع عنكم ولا تستخدوه لو لم تحتاجوا” لم يعلم أننا في السنوات المقبلة سنُمضغ جثثاً كما لو أننا طعام .
لم أعد أهرب من الموت , ماذا بعد .!؟ .. ماذا يمكن أن يحصل , وجدنا الجثث في كل مكان , الرقة , إدلب , أورفا , كل مكان , كانت مذبوحة أو مٌغتالة , كاملة أو أجزاء , مسطحة أو مقوقعة أو ممدة , بكل الأشكال ,
لم أعد أبحث عن بلد , تخليت عن هذه الهواية , اقتنعت أخيراً , رأيت الوجوه الساخرة لمن حُسبوا أولاد “ثورتنا”“دعوهم يغرقون بدمائهم”, دعوهم يتحملون تبعات هتافهم ضد داعش , كأن من يموتون لا يخصون هذا الكوكب ,بعد حادثة باريس توحدت القلوب , عادوا هم لهذا الكوكب ذاته , عم الفزع , لا منجى , اختفت ابتساماته مالساخرة .
يقولون ملك الموت بكى ذات مرة , بكى لشباب نزع أرواحهم في بلاد ظنّوها آمنة , لا اعرف مدى صحة الرواية , ولكن الله لن يتركنا وحدنا , مجرد ترتيبات إلهية .