ألمانيا , يوم الاثنين , المصادف 6 أشهر و 25 يوماً .
عزيزي النوج ..
أولاً أود إخبارك أنني ازداد غباءاً , ولا تضحك , سأشرح لك .
كان من المقرر أن تطفأ شمعة ثلاثينياتك اليوم , مرت اليوم 6 أشهر و 25 يوم على بدأ تاريخ هجرتك , و ما زال طيفك ملتصقٌ فيَّ , والذي لم أعد أتخيل حياتي بدونه , غدى عادتي السيئة يا نوج , عادتي التي أشعر بالاختناق إن غابت للحظات عنّي , يبدو أنها تعلّقي الأبدي .
أحدّثك الآن و أنا أعرف أنك تسامحني على جميع حالات الغضب التي مررت بها بسببي , حتى لكأس النسكافي و سيگارة “camel” التي سحبتها منك في اسطنبول , أيُّ حياةٍ تستحق العيش لا تحمِلُ طعمك ؟! .
بعض الأشخاص لا يستحقون أن يكونوا أصدقاء , منذ رحيلك و أنا أخاف أنني كنت منهم ! , يستلزمني فراقك ربما كثيراً من الصبر لا طاقتي لي على تحمّله .
يقاربك طيفك إتمام شهره السابع , سنكبر معاً , يحتملني كما احتمله , قد يكرهني كثيراً , قد تحمل نقمةً عليَّ لملازمته .
لا أعرف كيف أهرب من خذلان لساني كلما وددت الحديث معك , أخجل من ابتسامتك .
فكرت فيك كثيراً , صرت أشكّ بإمكانية أن أراك مرة أخرى بعد ذلك الحلم , لم أعد أستيقظ منذ فترة , قررت أن أعيش كأهل الكهف , استعطف أضغاث أحلام بردّك إلي .
يبدو أنها رسالةُ استعطاف أخرى , حسناً سأبدأ بالاعتراف .
سأعترف لك أنني مذ خرجت من عنتاب و أنا أركم الأشياء على نفسي لئلّا تتمرد , و أعترف الآن أني لم أعد أثق بقدرتها على حصار الحزن , يوماً ما سأرتكب حماقة .
كما أظنّك تعلم أن بقائي حياً حتى الآن هو معجزتي الصغيرة , منذ غرزة السكين الأولى – حيث أصبحت طرق الموت مواعيدنا الزمنيّة – ظننت أنني سأندثر مع كل هذا الدم المسكوب , ولكن عبث ! .
أيضاً أود إخبارك بسؤالٍ يجول بخاطري , لطالما كنت “جوجلي” الخاص .
في اللقاءات الأولى , هل أشتاق الغصن إلى جذره و اجتمعنا ؟!
أم إن أغصاناً جافّة التمّت في بركة ماء “عنتابية” بعد أن بعثرتها الريح ؟!
رأيت ؟! , قلت لك أنّني ازداد غباءاً , بدأت بالهذيان , يبدو أن وصفتك السحرية حان وقتها , ابتسامتك و قليل من الفرح .