عزيزتي جُمان ..

أُرسل رسالتي السادسة , فيما بيننا مسافاتُ أرضٍ , و مُبادرة .

لا أكتب لكِ هذه المرّة من سفر , ولا اكتئاب , لكن ما زالت الحاجة هي القائمة , و مثل جميع الحروب طويلة المدى , هناك طرفٌ ضعيف , يحمل وجعه دائماً , تتكرر مصائبه و الكلمة , بالتفاصيل , يتكرر الحزن فيه , و الفرح , يتكرر قوس قزح , و يغطيه الغيم مجدداً , لا يحتاج لانتظار ما يحلُّ به , طبولُ مراثيه تدق دائماً , لتسمعي هذهالدقَّةمعي .

أشعر أن الرسائل لكِ غربة , تُكتب سرّا بعيداً عن المجتمع , أُجاهد لاستعمال لغةٍ أخصِّكِ بها , و أَقدِرُ , فاغترب .

يتحدث لي صديقي عن خمسةٌ و عشرون رسولاً معروفين من بين المئات , و مئات الآلاف من الأنبياء , أرسلها الله تعالى ليؤمن الناس , و مع ذلك , منهم ما كانوا يؤمنون حتى الآن ! , ولا أحتاج إلا نبوءةً منكم لأؤمن بكِ , يا جُمان ! .

ستقولين أن النبوءة تكون لشخصِ فقط , و كأيِّ روحان تجلّتا معاً , ستأوينا , ستأوينا !.

لم أعد أقرأ كثيراً منذ فترة , مشغولٌ بكتابة قصةٍ ستقرأينها لاحقاً , ولكن مرّت عليَّ جملة , تلك الجُمَلُ التي تجتاحنا و لا حَولَ لنا للوقوف بوجهها , تقولالبيوت تموت إذا غاب سكّانها” , يا ساكنتي !

راودني طيفٌ لكِ البارحة ليلاً , لم أجلس , بقيتُ في فراشي , “توسدتني” , و وجدتُ نفسي أحدثك دون تكلّف , زوج و زوجة , و تجاوزت ذلكقليلاً – , تأكدت من وصول رسائلي لكِ , كنّا أسرةً جميلة .

أعجب من ثقتي المفرطة بكِ , ألا ترين غرابة في ذلك ؟! , رغم عدم مصارحتكِ لي , ولا مصارحتي لأي فتاةٍ لتكون أنتِ , ولكن فرحاً يُنثَرُ منكِ فوقي , حتى ألجأ لزاويتي البعيدة , ولا تتركيني .

يرى المقتاتون على عواطفهم في الماضي مصدراً وفيراً لمشاعرهم , ذكاره , يرى كلّاً منهم أن التوقيت كان الأهم , إلا أنا , انفرد فيك , و أقتاتُ على مستقبلٍ معك , وحدكِ , وحدنا , يا جُمان .