عزيزتي جُمان ،،
مرَّ وقتٌ ليس بقليل منذ آخر رسالةٍ وصلتك، أو لم تصل ، ولكنني أرسلتها و قمت بما عليّ من جانبي .
باغتني البارحة دفترٌ كنت أضعه على الطاولة و هو يتمتم شاتماً للاب توب و التكنولوجيا بشكلٍ عام ، دفترٌ قد أخرجته لأكتب عليه أفكاراً مشتته بانتظار ترتيبها عند قدوم شاحني لاب توبي الجديد ، والذي لولا تعطّل القديم ما كنت أخرجت الدفتر من الخزانة .
الورق يتنفس يا جُمان ، يربت بخفةٍ على قلوبنا ، بعد نثرها حروفاً عليه ، وحتى لو راودته نفسه بالبكاء ، يكتم عبرته ، يخاف على قلوبنا المكتوبة حبراً من الضياع ، يسكت ، يصبر ، و نعود إليه .
قررت أن يكون لهذا الدفتر نصيبٌ من رسائلك ، كنت مُرهقاً كفاية لأمتنع عن الكتابة وقتها ، سقط الدفتر من الطاولة ، فتح لي جُملاً غبيّة كتبتها سابقاً ، أضحكني ، تظاهر أنه سقط عُرضةً و خفف عني ، ولأردَّ له الجميل بدأت بكتابة هذه الرسالة ، و لم تتوقف الورقة عن الصراخ مذ كتبت عزيزتي و هي تستحلفني إكمال ما بدأت ، تَسْتحلِفُكِ يا جُمان ! ، نستحلِفُكِ !.
خرجت منذ أيام ، أبحث عمّا يكفيني من الهواء ، اختنقت و خفت التخبّط في اليأس ، لم تكن ليلةً باردة ، أو هكذا ظننت بعد أن تفاجئ بي أخي خارجاً دون جاكيت وهو يوبخني أنّ ما من ليالٍ دافئة في أوروبا ، ليته يعلم أن برد القلوب أشد وقعاً من برد السماء, قبل أربعة أعوام لم اختنق ، خرجت لأتمشى مثل تلك الليلة ، ولكن بجانب الفرات ، كان يعكس من نور الله ما يكفي ليضيء قلوبنا جميعاً ، ينساب في القلوب قبل أن يدخل مجراه ، الفرات يُحبُّنا ، و نحن نُجيد حبّه يا جُمان ، نُجيد عِشقَ كلّ فُرات ، يا فُراتي.
عزيزتي جُمان ..
إن الرسائل وقودها الأوراق ..
و الحبُّ ..
و العُشّاق ..
و “كُيتِبٌ” عنيد ..
ما أضاع نصّاً لكِ ..
إلّا و أرسلهْ ..
و انتظر ..
سكبَ لكِ دمعتان ..
و انتظر .. و انتظر ..