عزيزتي جُمان,

ها هي السابعة عشر ، استحضرتك في ليلةٍ لم أرى أنها مثل أي ليلةٍ عابرة ، إنها من الليالي التي أظنُّ أنها ودَّ المسلمين لو كانت ليلة قَدر ، أو ليلة ميلاد المسيح ، أظنها كانت ليلةً مقدّسة ، و ككل الليالي المقدسة توجّب علينا الصلاة أو لِنَقُل العبادة بشكلٍ عام ، ولأنني أؤمن بأنّك مُخلِّصَتي ، لذا قررت كتابة هذه الرسالة لكِ ، رسالةٌ في جوف هذا الليل ، و مثل هذه الرسالة بمثل هذا الوقت ، لناسكٍ مثلي ، زاهداً الدنيا إلّاكِ ، أظنها عبادة و لأبدأ تراتيلي الأولى ،أُحبّكِ يا جُمان” .

في العِشق ، أظنو هذا الظن لا يُدرج تحت بند الإثمأنّ الكلام ينتفي ، إلّا عباراتٍ ينطقها عاشقٌ مع خيوط الشمس الأولى ، وتكون لهُ حكماً منزلاً من السماوات السبع ، لا يُعارضها ، وتُطبّق إرضاءً لروحه ، و روحه هنا تحمل الوجهين ، أنتِ و روحه ، و شدّدي على الترتيب مرتين ، و الرأي هنا لا يحتمل أي تأويل ، هو الأصوب ، و الآخذ الحتمي بنا إلى طريق الخلاص ، هو الأمان في ظلِّ هذه الحياة.

و في خضم حديثنا عن الإيمان ، أؤمن بالإشارات الإلهية ، مرّت معي أغنية أحبها ، يقولون فيهالأكتب ورق وأرسلككانت هي إشارتي لهذه الرسالة ، لذا بدأت بكتابة الورقة.

ربما تستغربين رسالتي الليليّة هذه ، حسناً سأشرح لكِ يا جُمان ، وُلدتُ غريباً عن أصولي العراقيّة ، وما لبثت أن أحسّ بسوريَّتي حتى اضطررت إلى الغُربة التركيّة ، أما اليوم ، أنا في ألمانيا ، أتظنين رجلاً مثلي عاش الاغتراب منذ ما قبل ولادته حتى يوم اللقاء بكِ لا يٌتقن الغٌربة  ؟! ، تعلمت التعرف على مدن اغترابي في الليل ، يختصر علينا الكثير العُقد ، في الليل يصعب على الناس الاحتفاظ بوجوههم السعيدة ، بابتسامة يومٍ جديد يبدؤون به ، يبدون متعبين ، على فطرتهم الأولى ، أما أنا ، أهيم إليكِ في هذا الليل ، و كل ليلٍ و نهارٍ يا جُمان.

في كل رسالةٍ لكِ ، يتملّكني الحذر عند كتابتها ، قال لي صديقي مرّة أن كتابة الكلام يختلف عن قوله ، يٌعطّل المشاعر ، لم يَرني و أنا أوزع نبضي حروفاً على ورق ، والمحافظة على قلبٍ غير مصابٍ بتسرعٍ أو إنهاك ، أضعها بدِقّة ، ربما هذا ما يجعلني أكتب لكِ في كلّ مرة أحاول نَظْمَ دقات القلبِ فيه.

عزيزتي جُمان ، أنا أحبّك ، ولا أعرف شيئاً آخر ، حتى أنني لا أعلم لو كانت هذه الرسالة ستصلك أو لا ، ككل الرسائل السابقة ، ولكن ستجديها في يمينك عند اللقاء.

أحبك يا جُمان.

 

IMG_4941.JPG