تسوين قلبي - مدينة الباب - سرمد
حبيبتي راڤينا،
ربما يستغرب الكثيرون من رسالةٍ عامةٍ في هذه الظروف، ولكنّني أؤمن منذ تسع سنواتٍ بوجوب إخبار من نَحِب بذلك مهما كانت الظروف، بل وخصوصاً في مثل هذه الظروف، هم مساحة الأمان الصغيرة التي نحتاجها في خضمّ ما يجري في حياتنا.
يصادف عيد ميلادك غداً، حقيقةً أفعل مثل ثائرين كُثر، أربط حياتي بتقويمٍ مُختلفٍ تماماً عن أي تقويمٍ ميلادي أو هجري، أربطه بتقويم هجرة الشعوب من الاستبداد إلى الحريّة.
مثلاً، يصدف عيد ميلادي في نفس الأيام التي حرر بها الثوّار مسقط رأسي –البوكمال–، أُفضّل شهر تمّوز بكل مناسباته لذكرى مظاهراته الأجمل في قلبي، يرى الناس في كانون الأول آخر شهور السنة، وأراه أجمل الشهور التي نادت بها مظاهرة في القائم وردّت عليها أخرى في البوكمال.
أما عيد ميلادك كان يصادف موعده قبل أسبوعين من انتصار الشعب الليبي بمقتل القذافي، وأصبح يصادف بعد عدّة أيامٍ من انطلاق ثورةٍ في العراق، لقربها وقتاً وعاطفةً، هكذا ننفخ الروح في أيامنا لتصبح ذات معنى يا راڤينا.
يحلم العشّاق عادةً بجلسةٍ صباحيّة يرافقهما بها فنجانين من القهوة، ولا ضير من صوت فيروزٍ مرافق لهم، ولكنّ أحلامنا لم تتطرق لهذا المشهد أبداً، لطالما تحدثنا عن حلم مشاركتنا سويةً بمظاهرةٍ ننادي فيها للحرية، نُسقط فيها الطغاة، كلُّ الطغاة، نسمع فيها هتافات الجموع، نلعن بها روح حافظ وخامنئي وكل أبنائهم الشرعيين وغير الشرعيين، ولو مرّت سيارة مكبّرات الصوت بأغنيّة عراقيّة حماسيّة –كما اعتدت على مظاهرات ديرالزور– سيكون مشهداً مثالي، كيف لا تكون علاقتنا هي الأسمى وحلمنا يشمل كل ما سبق؟ كيف لعلاقةٍ لا تكون الأسمى وفيها حبُّ لكلِّ الثائرين؟
يتيه البعض في الحب، لكنّني معكِ لا أتيه أبداً، أجد نفسي بكِ، أجد كلّ ما أحب، ولو زارني التيه يوماً، لا تكتفين برسم الطريق لي، بل تملئين كل الطرق يا عزيزتي، شريكةٌ في الطرق التي أحبها وسندٌ في الطرق الصعبة، ويبقى أجمل الطُرُقِ هو الذي جمعني بكِ.
نتجادل كثيراً حول لهجتي ولهجتك والفرق الشاسع بينهما، نلجأ أحياناً للإنكليزيّة محاولين تقريب وجهات النظر، ونختم حديثناً معظم الأحيان بملاحظة قرب لهجتي إلى الفصحى وإعادة الكلمات إلى أصولها، بعد كلِّ حديثٍ أُجادُلُنِي –وهنا أقصد نفسي بمعناها اللغوي وليس أنتِ كالعادة–، بكيفيّة إعادة المصطلحات إلى أصولها مثلها مثل كلِّ الأشياء، مثل النور الساطع الذي يضرب به مثلاً بالنار دائماً رغم سطوع الكثير من النجوم، حتى أنّني وجدت شاعراً عراقي يقول “ع النّار محسوب الضوا شما عِلا“، أبدء بعدها بإعادة توجيه أصول ما يجري بحياتي، ولطالما التقت عندك كل الدروب.
ختاماً، نقضي رابع عيد ميلادٍ لكِ معاً، قررت فيه فتح حساب الفيسبوك بعد إغلاقٍ دام أشهر، وددت قول أُحبّكِ على الملأ هذه المرة، واقتبس بيتاً كررت اقتباسه كثيراً لكِ، كلماتٌ لا أرى فيها إلا وجهكِ
“الله بوجهچ مخلّي الشَكَر كِلَّه
ولمّن خِلّق غيرچ ما أدري شخلّى“
كل عامٍ وأنا بخيرٍ معكِ، كل عامٍ وأنتِ بخير
سرمد