إنها العشرون ، يُذكرني الفيسبوك برسالتي الثانية عشر في العام المنصرم ، يبدو أنّني مُقصّرٌ في رسائلي لهذا العام ، نويت كتابة رسالتي هذه منذ يومان ، أشغلتني أنشودةٌ أسمعها ، ما زلت أتذكر آخر مرةٍ أصغيت لها بكامل حواسي ، كانت في دوارٍ اسمه المدلجي بديرالزور ، كان مجرّد دوارٍ للسيارات قبل أن يصبح أيقونة ثورة ، حتى الجماد كان لنا ثورة ، أرسلتها لصديقٍ كانت إجابته الأولى بحزن أنّها تُذكّره بساحات دوما ، أعتذر يا جُمان ، مارست خشوع الرسائل مع غيرك ، جئت مسرعاً أهمُّ بكتابة هذه الرسالة ، أكفّر عن ذنبي يا جُمان ، أكفّر عن خشوع رسالةٍ لم تكن لكِ ، يا خشوع القلب أنتِ يا جُمان.
أخبرتك في ليلة الميلاد الماضيّة عن ورثتي لصلةٍ بالنبي مُحمّد ، عن ارتباطي بنبيٍ يسبق مولده هذا الميلاد بأسابيع قليلة في الذكرى ، وأخبرتك عن الملايين الذين يهنئون بعضهم في هذه العيدين و عن تقويمنا الخاص الذي يبدأ فيكِ ، عنكِ يا بدايتي الجميلة ، وسأخبرك الآن عن دخولي العام الرابع في التقويم ، عن عيدي الرابع في ميلادكِ ، وأؤكد لكِ أنّني ما زلت على الوعد ، وستجدين تمراً من البوكمال و رمّاناً من السوسة و “كليجة” ديرية ، ستجدين سطل لبنٍ رقّاوي في رأس السنة الذي سيجمعنا يوماً تحت ظلّ نخلةٍ أنهكتها غربتنا أكثر ممّا أنهكتنا ، عن نخلةٍ لو أرادت ستموت شامخةً في تلك الديار ، ديارنا المقدّسة دون أيّ مقدسات.
لم أعتد على الأمنيات ، ولكن في هذه السنّة وضعت أُمنيّة ، أو للدقّة ، هي طريق ، طريقٌ أحمل فيه رسائلي المُهربة معي بين نزوحٍ وهجرتين ، رسائلٌ لم تشهد أيّ اعتقالٍ أو إطلاق رصاص ، رسائلٌ لم تتغير ، رسائلٌ على عكس كلّ ما في الوجود ، هي الوحيدة التي تملك ظلّين ، لها ظلّين لي و لكِ ، رسائلٌ تمتزج بوصايا أبي ، بحكاياتٍ جدّي وجدتي اللذان فضّلا الموت تحت ظلِّ النخلة عن النجاة ، نعلقها مع صورةٍ لنا ، لعوائلنا ، وللشهداء ، وصورة ناجي ، هي ذاتها الصور التي سترينها معلقةً على جدار غرفتي الألمانيّة ، ولكن سنعلّقها على جدارٍ في منزلنا البوكمالي ، ولتعرفي مسبقاً ، لن يكون لنا حريّة اختيار الجدار ، إذ لم يبقَ إلا جدارٌ واحد قائماً هناك ، وسنكون نحن.
أما أنا ، في السنة الرابعة لرسائلي ، أودّ أن أتلو عهودي مرّة أخرى ، لكِ أنا يا جُمان ، و كلّ ما لي هو الرسائل والحنين ، وقلبٌ تربّى على حبّ الثورة ، أحرفٌ تُطاع لكِ ، وساحات حريّة على امتداد وطن ، وأنتِ يا جُمان.
لهم رأس سنةٍ سعيد و ميلاد مجيد ، ولي أنت سعادة كل السنين.
تختتم رسائل هذه السنة بأكثرها دفئاً على الإطلاق يا سرمد، عجيبة! 💜
إعجابLiked by 1 person
الـ راما الغالية ❤ ❤ إلك وحشة
إعجابLiked by 1 person