لا زلت أذكر الموجة الغاضبة عام ٢٠١٤ –رغم كلّ ما كان يشغلنا آنذاك– عندما بدأ مجموعة كبيرة من العلماء بصياغة نداء للحدّ من التجارب التي تعمل على صنع الفيروسات، بعد أن أصبحت –حينها– الفيروسات الصناعيّة قادرة على أن تكون أقوى من نظيراتها الطبيعيّة، وكان السبب الرئيسي للموجة هو عودة وباء فيروس “إيبولا“، ما فتح باب نقاش علم البيولوجيا المركّبة اصطناعياً، اليوم بعد ٥ سنوات، تطوّر العلم، تطوّرت معه النداءات، ولكن هذه المرّة تغيّر العدو، من الفيروسات إلى الأدويّة، ولا يمرّ أسبوع دون تحذيرٍ من هنا و هناك عن مخاطر استخدام المضادّات الحيويّة و إمكانيّة أن تصبح أقوى من المرض نفسه.
لست بصدد النقاش العلمي لا للقضيّة الأولى ولا الثانية، ولكن الحديث الدائم عن صحّة الإنسان دائماً ما يأخذني أبعد من نطاق العلم، هل الفيروسات والجراثيم أو هذا المجال برمّته هو عدوّنا الأوحد؟
تتوجه النداءات المتكرّرة إلى المخابر العلميّة، علماً أن مخابر أمن الدولة البشريّة –في البقعة الجغرافيّة التي ننتمي لها والبقع المجاورة على الأقل– تقتل أضعاف ضحايا من سبق ذكرهم! بل ومع سبق الإصرار، ليس عن طريق الخطأ كما يفعل إخوانهم بالقتل –الفيروسات–ولكنّ أكثر ما يجول ببالي في السنوات الأخيرة، هي مخابر الهجرة والجوازات، ولا أتحدث هنا عن دولٍ تنتمي لما يسمّى العالم الثالث كدولتنا التي ننحدر منها –أعتذر، أعاني من اضطرابٍ بمفهوم الوطن عند الحديث عن هذه الأمور لذلك اصطلاحاً سأقول دولتنا–، وبما أنّني لست من محبّي التعميم رغم صحّته في هذه الحالة، ولكن سأضرب مثالاً لتقريب الفكرة، أعرف مَخْبر هجرةٍ وجوازات ألماني–تركي، تسبب بسدّ شريان أحد الآباء، ضعفٌ في نظر إحدى الأمّهات، حفيدين لم يلتقوا بأجدادهم بعد، وانتكاسات صحيّة لا أحبذ الخوض فيها لأنّ النص سيصبح تقريراً مسرّباً من أحد المشافي، فضلاً عن الاضطرابات النفسيّة التي أصبحت وضعاً طبيعي ومن لم يُصَب بها مشكوكٌ بأمره.
وعلى الرغم من المثال السابق –المقتبس من قصّة حقيقيّة وليست من خيال الكاتب–، والذي أصبح عموميّاً إلى درجةٍ لم تعد تستطع أن تعممه على دولةٍ واحدة أو إقليم بعينه، بل أصبح قضيّة دوليّة عالميّة، بين شعوبٍ لاجئة بأكملها إلى مخابر العالم الأول، عفواً دول العالم الأول. علماً أن المخابر هذه تحاول تخفيف هيبة أمراضها بل أحياناً تجمّلها على عكس مخابر الفيروسات، إذ قرّروا أن يسمّوا فيروساتهم باسمٍ حديث، “فيزا“.
الـ“فيزا” مثلها مثل كثيرٍ من الأشياء، يمكن أن يتم استخدامها بشكلٍ نافع ومن الممكن أن تصل خطورتها إلى حدّ القتل، أعرف فيزةً أنقذت صاحبها من الغرق، وأخرى أنقذته من صاروخٍ أرسلته “دولته الحكيمة“، حتى أن فيزةً قررت أن تنقذ أحدهم من إيدي إحدى الميليشيات. ولكن ذات الفيزا قتلت عدّة شبانٍ، طبعاً وبما أنّها حديثة و “مودرن” كما يقولون، لم تأتِ على هيئة موتْ، بل تلبّست على هيئة جلطة، ولكنّ أسوأ أنواع الفيزا، غير قاتلة، هي مثل ساترٍ حدودي، دون استطاعتك التواجد مع من تحب على ذات الحدود حيث تستطيع منع حتى هذه اللحظات، تستلذّ بحرمان أمٍّ من أولادها لعدّة سنوات، أو حجز مئات الآلاف في بقعة جغرافيّة و السماح لجزّارٍ بالقصاص منهم متى يشاء، “يا أخي مودرن” تقتل ذاك و تعذّب آخر دون تلويث يديها بالدماء، يبدو أن هذه الفيزا لا تستطيع إخفاء وجه دول العالم الأوّل حتى لو حاولت. ومع الحديث عن الفيزا والدروب الضائعة وكل المواضيع ذات الصلة –حالي حال جميع ضحايا الفيزا–، يخطر لي وصف شاعرٍ عراقي لوجعه، يقول “وجع حكّة بجلد محروق“، لا تستطيع حكّه ولا تستطيع ترك الأمر، أنت بالحالتين ضحيّة. ومع الاستعانة بالعراقيين –حمّالي الأسيّة معنا–، لا أطلب إلا ما طلبه أحدهم
سلامة قلبك يا خاي
إعجابLiked by 1 person
أب منذر الورد ، الله يجمعنا ع الخير ❤️❤️
إعجابإعجاب
الله كريم خاي
الله كريم
إعجابLiked by 1 person
سنة على هذا النص وكأنه إنكتب اليوم
إعجابإعجاب