عزيزتي جُمان ..

إلحاقاً بالرسائل التي ضلّت طريقها على مدار سنة و نصف السنةعشر رسائل تحديداً، و لأن الله خلقني بعشرة أصابعٍ فقط ، سأتوقف عن عدِّ الرسائل لكِ عند الرسالة الماضية .

بدايةً ، الروتين قاتل ، مرَّ شهرٌ على آخر نصٍّ كتبتُه ، صديقة لي تعزو السبب لكتاباتي الأخيرة التي يتم نشرها و التي تسميهاتحرر من عبء الذكريات القاسيةتصف ذلك بـالشجاعةلا أعتب عليها، ولو جمعوا النصوص ، الأفرع الأمنية ، النظام بأكمله ، داعش ، و كلّ الميليشيات المرافقة لهما ، لن تساوي انتظارك ، يا ثورتي! .

لا أتذكر أننا أخذنا عهداً على أنفسنا بإبقاء السياسة بعيدةً عنّا ، لا أذكر أننا تلونا عهودنا أصلاً ، هذه المرّة الأولى التي يراودني فيها هذا السؤال ، و كالعادة سأقول لكِ ما خطر ببالي أولاً ، ليس انتقاصاً منكِ ، ولكنّ الطبع يغلب التطبّع ، و رسائلنا المنمّقة التي تُكتب في ظل وجود مقومات الحياة ، لا تستحق أن يُذكر اسم الثورة فيها ، الثورة للمكلومين حرباً لا حبّاً ، و ما بالك من كان مكلوماً من الاثنان يا جُمان .

قبل أن أكمل رسالتي هذه ، أفتح قلبي ، كما أفتح نوافذ غرفتي بعد سفرٍ طويل ، لا نشعر بتبدّل الهواء الفاسد و ما يرافقه من عفنٍ و روائح ، إلا بعد دخول الهواء النظيف ، أشعرُ بكِ ، يا هوائي .

أخيراً ، أوّد أن أتغزل بجمالك هذه المرة ، أظن أنها الأولى ، ليس عجزاً ، بل بسبب افتقاري لرؤيتك حتى هذه اللحظة ، تمتلكين وجهاً مكانه في السماء الأوروبية الغائمة ، نجومهم و القمر ليست قادرة على الإنارة في هذه الليالي الحالكة ، و لكن لطفاً من الله قدّره لكِ ، لي فقط .

و لأننا لم نجتمع بعد ، كوني عيناي ، و تغزّلي بنفسك صباحاً أمام كل مرآة .

أؤمن بكِ غيباً ، إيماناً يا جُمان ، إيمانْ .